مع أكثر من 15 سنة من الخبرة العياديّة، لا شكّ أنّ غنى صنديد هي إحدى أخصّائيّات التغذية اللبنانيات اللواتي يأخذن حاجات كلّ من المرضى بالاعتبار لقيادتهم نحو المسار السليم. وكصاحبة عيادات Lighterstyle، لقد أوضحت تمامًا أنّ الحمية هي عبارة عن أسلوب حياة يجب أن يعتمده الشخص وليست مجرّد مرحلة مؤقتة. تسنّت لأزياء مود فرصة إجراء مقابلة مع هذه اللبنانيّة الناجحة للحصول على إجابات لأسئلة يطرحها الكثيرون مرارًا.
كيف تعرّفين أسلوب الحياة السليم؟
برأيي، يرتكز أسلوب الحياة السليم أوّلًا وآخرًا على الاستدامة والاستمراريّة، ومن أجل تحقيقهما، يجب اتّباع نظام يناسب أسلوب حياتك وعاداتك الغذائيّة. لهذا السبب لا أقول لمرضاي أنّ الفطور هو أهمّ وجبة في اليوم. فإذا أرادوا أن يتخطّوا الوجبة هذه، يمكنهم ذلك. ولا أخبرهم أيضًا بأنّ تناول الطعام في وقت متأخّر ليلًا سيكسبهم الوزن، فالأمر ليس صحيحًا. يتعلّق الأمر بإيجاد عادات غذائيّة تناسب أسلوب حياتك. لا يمكننا أن نخصّص الحمية نفسها لمضيفة وربّة منزل ومعلّمة مدرسة. يجب على أخصّائيّة التغذية دراسة توقيت كلّ شخص، وتفضيلاته الغذائيّة وأمراضه وحساسيّاته وأدويته وتوفّره – إذا يستطيع الطهو أم لا، أو إذا لديه من يحضّر له الطعام الصحيّ. ويتمحور العنصر الثاني حول فكرة ألا يكون الشخص متطرّفًا عند اختيار الحمية. فبخلاف الحميات الصارمة، تلك المعتدلة تساعدك على اتّباع أسلوب حياة متوازن وتضمن الاستدامة على المدى الطويل.
برأيك ما أصعب مرحلة للانتقال إلى أسلوب حياة سليم أكثر؟ هل هي خسارة الوزن أو الحفاظ على الوزن المفقود وأسلوب الحياة الذي حُقّق؟
بالنسبة لي، ليس من الصعب خسارة الوزن. فمع كلّ حميات الدهون وحبوب خسارة الوزن والحقن والأدوية وأنواع شاي الأعشاب والمليّنات، من السهل جدًّا خسارة الوزن. ويمكن تحقيق ذلك أيضًا من خلال تحدّيات مثل حمية البيض وحمية اللحم – على سبيل المثال لا الحصر. غير أنّ الحفاظ على الوزن الذي بلغته يبقى الجزء الأصعب.
ما انطباعك عن صيحات خسارة الوزن (مثل الكيتو والصيام المتقطع وأتكينز...)، وعن الطريقة الأسمى لخسارة الوزن بحسب خبرتك؟
يسألني الكثيرون ما برأيي هي أفضل حمية. وبالطبع، لا أوافق على أيّ من بدع الحميات الغذائيّة – مثل حمية شوربة الملفوف، والتمر واللبن، وحمية البيض، وحمية اللحم، وحمية السوائل، وكلّ الحميات المشابهة، بخاصّة حمية التخلّص من السموم. في الحقيقة، أنا ضدّ كلّ الحميات غير المبنيّة على الأدلّة العلميّة. برأيي، أفضل حمية هي تلك المنخفضة السعرات الحراريّة أو التي تتمحور حول تقليلها، فتوازن بين البروتينات والكربوهيدرات والدهون، الحمية التي تسمح بتناول كلّ الوحبات المطهوة في المنزل من دون إلغاء أيّ مجموعة غذائيّة. غير أنّ الأنظمة الغذائيّة المثبتة علميًّا مثل الكيتو وأتكينز ودوكان هي مقبولة علميًّا وتناسب بعض أساليب الحياة. فبعض الناس، مثلًا، لا يمكنهم التحكّم بما يتمّ طهوه أو بعاداتهم الغذائيّة لأنّهم غالبًا ما يسافرون أو يتناولون الطعام في المطاعم. في هذه الحالة، من الأسهل لهم إزالة الكربوهيدرات، على الرغم من أنّ الدراسات وخبرتي والنتائج الطبيّة أظهرت استدامة أكثر في الحفاظ على الوزن المفقود في الحميات المتوازنة التي تتمحور على تقليل السعرات الحراريّة. عامّةً، تتمحور كلّ الحميات – أكان الصيام المتقطّع، أو الكيتو، أو الباليو، أو تفاوتات الكربوهيدرات أو تخفيضها، أو أتكينز، أو دوكان، أو الحميات القليلة الدهون، أو حميات الطاقة التي لا أؤمن بها، أو حميات التخلّص من السموم، أو حمية الأطعمة المتكرّرة على 3 أيّام، أو حمية البيض – على تقنيّة واحدة وهي التقليل من السعرات الحراريّة. ففي نهاية المطاف، عند إزالة مجموعة غذائيّة كاملة يتمّ تقليل السعرات الحراريّة المكتسبة. عندما يُطلب من الناس إجراء فحص التحمل الغذائيّ أو الحساسيات الذي يكشف أيّ طعام يساعدهم على اكتساب الوزن أو خسارته – الذي لا أؤمن به أيضًا – يتمّ إزالة مجموعة غذائيّة كاملة ويُجبر المريض على تخفيض سعراته الحراريّة. وحتى مع الصيام المتقطع، عندما ينقطع عن الطعام لمدّة 16 ساعة ويتناوله في خلال 8 ساعات، يخفّف من السعرات الحراريّة المكتسبة. ولن يخسر الوزن إذا انقطع عن الطعام لمدّة 16 ساعة وتناول الطعام بلا حدود لمدّة 8 ساعات حتى وإن كانت أطعمة صحيّة. إذا لا يحسب السعرات الحراريّة ووجباته ليست متوازنة، لن يخسر الوزن. لذا، الهدف من خسارة الوزن هذه تتمحور حول السعرات الحراريّة التي نتناولها وتلك التي نخسرها.
كيف تتعاملين مع توقّعات المريض حول خسارة الوزن بسرعة؟
تؤدّي الصيحات على مواقع التواصل الاجتماعي في ظلّ كلّ ما نراه على إنستغرام وتيكتوك وفايسبوك وصور قبل وبعد والمشاهير الذين يخسرون الوزن بسرعة لتعرّض الأشخاص لضغوط كبيرة، والمجتمع حتى يضعهم تحت هذا الضغط إذ يسمح البعض لأنفسهم بالتعليق على وزن الآخر – لقد اكتسبت الوزن، خسرت الوزن، نحفت، بدوت أجمل عندما كنت أنحف... يشكّل هذا الأمر مصدر ضغط كبير للناس. إضافةً إلى ذلك، تعد مواقع التواصل الاجتماعي بنتائج سريعة جدًّا مثل خسارة 10 كغ في 28 يوم بفضل شرب هذا أو ذاك، أو خسارة 10 كغ في 3 أسابيع باتّباع هذا التحدي. فيمنح هذا الأمر الناس توقّعات غير حقيقيّة، وأخصّص فعلًا الوقت لأشرح لهم أنّ ما نحقّقه بسهولة نفقده بسهولة وأنّ علميًّا ما من طريقة لخسارة أكثر من 0.5 إلى 1 كغ من الدهون في الأسبوع وأنّهم إذا كانوا يتوقعون خسارة الوزن بسرعة كبيرة، لن يكون هذا الوزن على شكل دهون بل سيخسرونه من الكتل العضليّة والمائيّة، الأمر الذي سيؤثّر على عملية الأيض عندهم على المدى الطويل ويكون لذلك 3 نتائج: سيكتسبون الوزن بسرعة لأنّهم خسروه بسرعة، إنّهم يخسرون المياه والعضل وذلك يؤثّر على عملية الأيض عندهم لأنّ خسارة الكتل العضليّة يبطئها، وإنّ اتّباع حميات صارمة جدًّا وحميات قليلة السعرات الحراريّة جدًّا ستؤثّر سلبًا على عملية الأيض عندهم بتبطيئه وفي نهاية المطاف سيبدؤون بالإفراط في الطعام وينتكسون لأنّهم انحرموا من بعض الأنواع، وبالتالي سينتهي بهم الأمر بتناول أكثر ممّا هم معتادون عليه.
ما الأسلوب الذي تتّبعينه مع المرضى الذين لا يحبّون التمارين الرياضيّة أو لا تثير اهتمامهم؟
سيزعج جوابي الكثيرين، لكن تتعلّق خسارة الوزن بنسبة 80% بالطعام الذي نتناوله و20% بممارسة التمارين. هذا يعني إذا كنتم تتناولون 3000 سعرة حراريّة في اليوم وجسمكم يحرق 2000 سعرة حراريّة سينتهي بكم المطاف باكتساب الوزن. لكن إذا كان جسمكم يحرق 2000 سعرة حراريّة وأنتم تتناولون 1500 سعرة حراريّة في اليوم، تقومون بذلك بالتقليل من السعرات وستخسرون الوزن حتى إذا لم تكونوا تمارسون الرياضة. لست أستخفّ بقوّة ممارسة الرياضة ومنافعها بخاصّةٍ بتأثيرها على عوامل صحيّة كثيرة مثل الدورة الدموية وتنمية العضلات وتحفيز عمليّة الأيض والتخفيف من الكوليسترول والدهون الثلاثيّة وضغط الدمّ. لممارسة التمارين العديد من الآثار الإيجابيّة، لكن إذا كان هدف الشخص خسارة الوزن يمكنه البدء باتّباع حمية فحسب، وفي العديد من الحالات لا يحبّ الأشخاص الذهاب إلى النادي الرياضي بسبب سمنتهم، فهم إمّا يخجلون من البدانة أو يتعبون جدًّا إذ يشعرون بثقل أو ليس لديهم الطاقة... لذا متى ما يبدؤون عمليّة خسارة الوزن، يتشجعون أكثر للذهاب إلى النادي الرياضي. أقوم بالأمور خطوة بخطوة فأبدأ بتصحيح عادات المريض الغذائيّة وأبدأ بتمارين معتدلة، ثمّ يمكننا الانتقال إلى مستوى أعلى.
كيف برأيك تؤثّر العادات الغذائيّة وأسلوب الحياة في الشرق الأوسط على أسلوب الحياة الصحي الذي يجب اتّباعه؟
في خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، كانت الحمية الشرق أوسطيّة الأفضل من بين الحميات الغذائية. أوّلًا، إنّها متوازنة جدًّا، وثانيًا، إنّها مرتكزة على أطعمة منزليّة تحتوي على الكثير من مضادات الأكسدة والأوميغا 3 والفيتامينات والمعادن، بالإضافة إلى كونها غنيّة بالحديد لأنّها تُحضّر باستخدام الكثير من زيت الزيتون والزيتون والبذور والمكسرات والمصادر المفيدة من البروتين والحبوب. فهذه كحمية شرق أوسطيّة أو متوسطيّة هي جيّدة. تقليديًّا، تقوم الحمية هذه على وجبة فطور وغذاء وعشاء. لكن المشكلة في تقاليدنا تكمن في المناسبات المميّزة مثل رمضان، وفي الحلويات، وفي طريقة تعبيرنا عن مشاعرنا للآخرين من خلال الطعام، وفي تقاليد الضيافة المتمحورة حول تقديم الكثير من الطعام وهو أمر شائع أيضًا في بلاد عربيّة وشرق أوسطيّة أخرى، وفي الحصص الكبيرة التي نقدّمها. في الحقيقة، تضع المجتمعات الغربيّة حصّة الشخص في طبق بينما نحن العرب نضع الطعام في أطباق كبيرة تتمّ مشاركتها على الطاولة بغضّ النظر عن الطعام الذي نقدّمه، الأمر الذي يجعل الناس يميلون إلى تناول حصص أكبر. وحتى في المطاعم، تلك الغربيّة تقدّم حصص أصغر من تلك الشرق أوسطيّة. إضافةً إلى ذلك، في مطبخنا، تحتوي بعض الأطعمة على نسبة عالية من الدهون بسبب القلي أو استخدام الكثير من الدهون المهدرجة والزيوت النباتية التي ليست صحيّة.
مقالة من كتابة ميرلّا حدّاد